اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 544
إِذا غفل الواشُونَ عُدْنَا لِوَصِْلَنا ... وَعَاَد التَّصَافي بيننا وَالوَسَائلُ «1»
والثاني: المحبة، يقول: تحببوا إِلى الله، هذا قول ابن زيد.
[سورة المائدة [5] : آية 38]
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)
قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما قال ابن السائب: نزلت في طُعمة بن أُبيرق [2] ، وقد مضت قصّته في سورة النّساء. ووَ السَّارِقُ: إِنما سُمّي سارقاً، لأنه يأخذ الشيء في خفاءٍ، واسترق السّمع: إِذا تسمَّع مستخفياً. قال المبرّد: والسارق هاهنا مرفوع بالابتداء، لأنه ليس القصد منه واحداً بعينه، وإِنما هو، كقولك: مَنْ سَرَق فاقطعْ يده. وقال ابن الأنباري: وإِنّما دخلت الفاء، لأن في الكلام معنى الشرط، تقديره: من سرق فاقطعوا يَدَهُ، قال الفرّاء: وإِنما قال: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما لأن كلَّ شيءٍ موحّد من خلق الإنسان إِذا ذُكِرَ مضافاً إِلى اثنين فصاعداً، جُمع، تقول: قد هشمت رؤوسَهما وملأت ظهورهما وبطونهما ضرباً، ومثله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [3] وإِنما اختير الجمع على التثنية، لأن أكثر ما تكون عليه الجوارح اثنين اثنين في الانسان: اليدين، والرجلين، والعينين، فلما جرى أكثره على هذا، ذُهِبَ بالواحد منه إِذا أُضيف إِلى اثنين مذهب التثنية، وقد يجوز تثنيتهما.
قال أبو ذؤيب.
فتخالسا نفسيهما بنوافذٍ ... كَنَوَافِذِ العُبُط التي لا تُرقَع «4»
فصل: وهذه الآية اقتضت وجوب القطع على كلِّ سارق [5] ، وبينت السُنَّة أن المراد به السارقُ لِنِصابٍ من حِرْزِ مثله، كما قال تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ» .
(423) ونهى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن قتل النساء، والصبيان، وأهل الصّوامع. واختُلِفَ في مقدار النصاب، فمذهب أصحابنا: أن للسّرقة نصابين: أحدهما: من الذهب ربع دينار، ومن الورق ثلاثة دراهم، أو
متفق عليه، وتقدم.
(1) في «تفسير القرطبي» 6/ 151 وفي «مجاز القرآن» 1/ 164 لم يعرف قائله. [2] ابن السائب هو الكلبي، وهو متهم بالوضع، فخبره باطل، لا أصل له. [3] سورة التحريم: 4.
(4) تخالسا: جعل كل واحد منهما يختلس نفس صاحبه بالطعن. النوافذ: جمع نافذة وهي الطعن تنفذ حتى يكون لها رأسان. عبط: جمع عبيط، وأصل العبط: شق الجلد الصحيح. [5] قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» 12/ 459 في شرح المسألة 1589: وجملته أن الوالد لا يقطع بالسرقة من مال ولده، وإن سفل وسواء في ذلك الأب والأم، والابن والبنت، والجد والجدة، من قبل الأب والأم وهذا قول عامة أهل العلم منهم: مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وقال أبو ثور وابن المنذر:
القطع على كل سارق بظاهر الكتاب.
قال الإمام الموفق: والعبد إذا سرق من مال سيده فلا قطع عليه في قولهم جميعا، ووافقهم أبو ثور، وحكي عن داود أنه يقطع لعموم الآية اه ملخصا، وانظر «أحكام الجصاص» 4/ 80- 81 و «تفسير القرطبي» . [.....]
(6) سورة التوبة: 5.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 544